×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

من طرقات القرية.. تبدأ الحكاية

من طرقات القرية.. تبدأ الحكاية
بقلم : عامر آل عامر 
لم تكن الطفولة مجرّد مرحلة عابرة من أعمارنا، بل كانت وطنًا صغيرًا نحمله على أكتافنا دون أن نشعر.
كانت دهشة أول ضوء، وضحكة أول مطر، وركضة لا تعرف سوى الفرح وجهةً.
هناك، في أزقة القرية وطرقاتها الترابية، كنّا نؤمن أن العالم بسيط، وأن الحياة لا تحتاج أكثر من قلبٍ نقي وسماءٍ صافية.
كلما مضى بنا العمر، اكتشفنا أن تلك اللحظات التي ظننّاها صغيرة، كانت في الحقيقة الزاد الحقيقي للطريق الطويل.
كانت تمنحنا القدرة على الابتسام في وجه العثرات، والركض بأحلامنا رغم وعورة الدرب.
فالأمان الذي كان يسكننا ونحن نركض حفاة في طفولتنا، يعود إلينا همسًا حين تتعب أقدامنا من مسالك الحياة.
الطفولة ليست ذكرى ساكنة، بل طاقة خفية تختبئ في أعماقنا.
كل ضحكة بريئة، وكل لهوٍ بسيط، وكل صوت مؤذن مع فجرٍ نقي، يبقى هناك كصندوقٍ سريّ نفتح غطاءه في أوقات الانكسار، فنستعيد شيئًا من صفاء الروح.
وحدها الطفولة تعلّمنا كيف نكون أقوياء دون أن نفقد عفويتنا.
تعلمنا أن الفرح لا يُشترى، وأن الحنين ليس ضعفًا، بل جذورًا تمتد لتمنحنا الثبات.
في الركض الأول بين طرقات القرية، كنا نصنع لأنفسنا طريقًا لا يشيخ.
وفي كل التفاتة إلى الوراء، نعرف أن الماضي ليس وراءنا تمامًا، بل يمشي معنا صامتًا، يحمل في قلبه ضحكة صبيٍّ ما زال يركض.
الطفولة ليست مجرد ذكرى… إنها وقود الحياة.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر