×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

" العرعر " أيقونة عسير الخضراء.. شجرة تعانق الضباب وتصارع الانقراض”

إعداد : سهام ورقنجي 
في أعالي جبال السروات، وعلى سفوح السودة التي يلامس الضباب قممها، تنبض الحياة في جسد أخضر معمّر اسمه “العرعر”.
ليست مجرد شجرة، بل ذاكرة بيئية وكنز طبيعي متجذر في تربة عسير منذ مئات السنين. شجرةٌ تستنشق الضباب، وتمنح الحياة للتراب، ثم تعود لتصارع خطرًا صامتًا يهدد وجودها " الانقراض " .

الموطن الأصلي: جذور في جبال الضباب

تنمو شجرة العرعر في المناطق الجبلية الباردة، وتزدهر في الارتفاعات التي تفوق 2500 متر فوق سطح البحر، تحديدًا في منطقة عسير. تعد جبال السودة، متنزه السحاب، شعف بني مازن، وغيرها من المرتفعات، موطنًا طبيعيًا لها، حيث تشكل هذه الأشجار عنصرًا أساسيًا من الغطاء النباتي المحلي.

خصائصها العمرية والبيئية.

العرعر من الأشجار المعمرة وقد تعيش لمئات السنين في بيئتها الطبيعية.
ما يميزها ليس فقط خضرتها الدائمة، بل قدرتها الفريدة على التكيف مع تقلبات المناخ وتحمل الجفاف والعيش في تربة صخرية.
أوراقها تحتوي على زيوت عطرية طيارة، تُضفي عليها رائحة مميزة وتساهم في مقاومتها للآفات.

وتلعب دورًا بيئيًا بالغ الأهمية:

• تحافظ على استقرار التربة.
• تُقلل من تآكل المرتفعات.
• تُعدل مناخ المنطقة.
• تُمكّن الأعشاب الأخرى من النمو في ظلها.

الفوائد الطبية والغذائية.

لم تكتفِ هذه الشجرة بدورها البيئي بل تسللت إلى عالم الطب الشعبي، فاستُخدمت في علاج الصدفية، والأكزيما، وتحسين رائحة الفم، ومعالجة مشاكل الهضم. جذورها، وأوراقها، وحتى ثمارها كانت جزءًا من وصفات الطب التقليدي، ما يعزز أهميتها الشاملة.

منتجات العرعر: من الطبيعة إلى السوق.

لقد وجدت هذه الشجرة طريقها إلى الحرف اليدوية والصناعات الطبيعية، لتتحول من مجرد عنصر بيئي إلى منتج يحمل عبق الجبال وفوائدها، ومن أبرز المنتجات:
• سبحات معطّرة: تُصنع من بذور العرعر المعالجة يدويًا، وتُعرف برائحتها الفوّاحة ولمعانها الطبيعي، وتحظى بإقبال واسع في الأسواق التقليدية والحديثة.
• الصابون الطبيعي: مستخلص من قطران العرعر، يستخدم لعلاج أمراض الجلد المستعصية، ويُفضّل في الروتين الطبيعي للعناية بالبشرة.
• زيت العرعر العطري: يُستخرج من أوراقها وتوتها عبر التقطير، ويُستخدم في جلسات العلاج بالروائح، لتهدئة الأعصاب، وتعقيم الجلد، وتحفيز الدورة الدموية.
• المنتجات الخشبية اليدوية: مثل أدوات المطبخ والملاعق والصناديق الخشبية، حيث يتميز خشب العرعر بجمال ألوانه وثبات رائحته العطرية.
• منتجات العناية بالبشرة والشعر: تعتمد على مستخلصات العرعر في تقوية الشعر وتنظيف فروة الرأس، وكذلك في تهدئة التهابات البشرة.

هذه الاستخدامات تعكس كيف يمكن لمورد طبيعي أن يتجسد في أشكال جمالية وعملية، تخدم الإنسان والبيئة معًا.

شجرة مهددة… من يحرس العرعر؟

رغم قيمتها، تتعرض شجرة العرعر لخطر حقيقي ناتج عن:
• الرعي الجائر
• الحرائق
• التغيرات المناخية
• التوسع العمراني

وهو ما يجعلها على حافة التصنيف كشجرة مهددة بالانقراض، ما لم تُتخذ إجراءات حماية صارمة ودائمة.

عسير تتحرك: المحميات والأمل الأخضر.

استجابة لذلك، أطلقت الجهات البيئية في المملكة، وفي عسير تحديدًا، عدداً من المبادرات:
• إنشاء مشاتل تضم آلاف الشتلات.
• مشاريع إعادة تأهيل الغابات المتضررة.
• حملات توعية بيئية.
• فرض غرامات صارمة على التعديات.

خاتمة: هل نكتب فصل النهاية أم بداية جديدة؟

شجرة العرعر لا تطلب الكثير؛ القليل من الحماية، والقليل من الفهم، والكثير من الوفاء. إنقاذها ليس مجرد مهمة بيئية، بل حفاظٌ على جزء من تراث عسير الأخضر.

العرعر ليست مجرد شجرة، إنها هوية عسير البيئية، وأيقونة للسياحة والطبيعة.

فهل سنكون شهودًا على انقراضها، أم جيلًا يُحييها من جديد؟

الجواب… رهن وعينا.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر